الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية رسالة الى مهدي جمعة: الأخطار قادمة فحذار!

نشر في  21 ماي 2014  (10:08)

بقلم: محمد المنصف بن مراد

حضرت المؤتمر الصّحفي الذي عقدته رئاسة الحكومة لكنّي لم أتمكّن من طرح بعض الأسئلة نظرا إلى ضيق الوقت وكثرة الإعلاميين.. يا أخي مهدي
حذار من التخلّي السريع وغير المدروس عن صندوق الدّعم، وفي هذا السياق لابدّ من توخّي الحذر والتدرّج لأنّ التسرّع لن يقبله الشعب بسهولة.. كما يتعيّن عدم المساس بكلّ المواد الأساسيّة دفعة واحدة  والحال أنّ الطبقات الوسطى والفقيرة تئنّ من التهاب الأسعار.. في البداية بادروا بالتقشّف على مستوى الحكومة التي تعيش فوق إمكاناتها وتقرّ ميزانية دولة ثرية نسبيا رغم انّ جيوبها شبه فارغة.. اضغطوا على الميزانية بصفة ملحوظة ودون تداين خارجي كبير ثمّ أعلنوا الحرب على التهرب الجبائي بعد حملة توعوية.. من جهة أخرى قلّصوا بـ50 ٪ من ميزانية الرئاسة والمجلس التأسيسي وتصدوا بحزم للتهريب المتحالف مع الارهاب وبعض الأطراف السياسية التي تحميه.. وفي غياب كلّ هذه الاجراءات قد يولّد رفع الدعم المتسرّع الى انتفاضات في بعض الولايات بفعل فاعل أو دونه..
وفي السياق ذاته استمعوا لنصائح الأحزاب الأقرب للفقراء، لا لنصائح صندوق النقد الدولي الذي لا يكترث بصيحات المحتاجين والجياع! انّ تقليص نفقات صندوق الدّعم واجب لكن ليكن ذلك في إطار جملة من القرارات المتكاملة التي يجب أن تشمل خاصّة مصاريف الدولة (ميزانية بـ20 ألف مليار كافية في الظروف الراهنة) والحدّ  من التهرب الجبائي ومكافحة التهريب.. إنّ عملك يحتاج الى الخيال l'imagination  والجرأة، علما انّ التهاب الأسعار والتقليص في حجم الدعم غير المدروس يهدّدان الفقراء والطبقات الوسطى،  فحذار ثمّ حذار.. انّ السياسة هي أيضا الوعي بمشاكل «الزوالي» وحتى «الزوالي الجديد».. وفضلا عن ذلك حاول أن تتحدّث مع مسؤولين في الولايات ومع ممثّلين عن المجتمع المدني ونقابات واطارات قبل اتخاذ ايّ قرارات مؤلمة..
أمّا على الصّعيد الأمني ومكافحة الارهاب، فلن تنجح بلادنا في انقاذ حاضرها ومستقبلها ما دامت أجهزة أمنية تخدم الأحزاب، وطالما أنّ أقلية لها علاقة مع الارهابيين والمتشدّدين، فتحرّر عن كلّ الأحزاب إذا أردت أن تجعل تونس في مأمن من كلّ الأخطار، ولو أنّ هناك ضغوطات كبيرة (دون لفّ ولا دوران) من أحزاب حتى لا تتحرّر وزارة الداخلية بما في ذلك قيادة الحرس الوطني من كلّ القيود، مع العلم انّ الأغلبية السّاحقة من الأمنيين والحرس هم أبطال نفخر بهم..
وللإشارة فإنّ المهرّبين والشبكة الاجراميّة والمافيوزية لهم مؤديوهم ومناصروهم داخل سلك الأمن، فلماذا لم يقع تغيير بعض المستشارين وأغلب المديرين العامّين في وزارة الداخلية؟!  وإذا صحّ تقديري، فهناك حزب يرفض هذه التغييرات.. كما انّ من واجب وزارة العدل ان تولي اهتماما لبعض  القرارات الغريبة التي تمّ بموجبها الافراج عن أشخاص ألقت الشرطة القبض عليهم ثم أطلق سراحهم... كلمة أخيرة تخصّ البطء في مراجعة التعيينات الحزبية ونشاط لجان حماية (أو تخريب) الثورة.. فكن  رجل دولة ولا تتردّد في اتخاذ القرارات التي تخدم مصلحة تونس دون سواها وان كنّا لا نشكّ لحظة في انّك سياسيّ نزيه ووطني.. ثمّ لا تتردّد في فرض بعض القرارات الوطنيّة وإن لم تحظ بموافقة حاكم قرطاج..
ولئن كانت هناك مواضيع كثيرة وددت طرحها هي أيضا فإنّي سأكتفي بملف الإعلام لأنّ غياب إعلام حرّ لن تكون الانتخابات حرّة وخاصّة نزيهة..
فهل تعلم سيدي رئيس الحكومة انّ عددا هامّا من المؤسسات الإعلاميّة مهدّدة بالمال السياسي وبالمال الفاسد اللذين اخترقا بعض القنوات التفزية وبعض الإذاعات وحتى الصحف؟ وهل تعلم انّ أهمّ الصحف الورقيّة والالكترونيّة مدينة بالمليارات، والوزارة الأولى لم تنظّم هذا القطاع بالسرعة الكافية علما انّ رؤساء الحكومة في عهد الترويكا ساهموا في اضعاف قطاع الإعلام حتى يبرز «اعلامهم» الجديد والثوري والمتحزّب (!) فنظّموا القطاع السمعي البصري وعيّنوا مدرين عامّين في التلفزات العموميّة والإذعات، يتمتّعون بالحرفيّة الضروريّة ويكونون محايدين، ثمّ نظموا الإشهار والإعلانات في المؤسّسات الوطنيّة العمومية، حتّى لو تباطأت جمعية مديري الصحف في تقديم اقتراحات!
إنّه بدون مساندة عاجلة لقطاع الإعلام لن تنجح الانتخابات المقبلة لأنّ مشاكل هذا القطاع ستضعه تحت رحمة الأحزاب والمافيا الاقتصادية الارهابية ومحاولة بعض الشركات الأجنبية ربط الاشهار بما تسمّيه «حياد خطّ التحرير»..
ختاما، أرجو لك التوفيق في مهامّك وشكري لبعض الوزراء الناشطين على غرار غازي الجريبي وآمال كربول ورضا صفر وحكيم بن حمودة ونضال الورفلّي..